اصوات سورية من الأردن

مشروع صوت مدونة تنشر القصص من اللاجئين السوريين في الأردن. ولاكنّه أيضا مشروع أكبر تنفذه المنظمات أرض-العون القانوني وأوكسفام ويهدف المشروع إلى “الحفظ على شعورالسوريين بالكرامة من خلال تسليط الضوء على أصواتهم كعناصر نشيطة للتغيير بدلا من أن تكون مستقبلة للمساعدة فقط.” يعسى المشروع على تحسين الوصول إلى المعلومات المفيدة من أجل اللاجئين ويساعدهم في التعبيرعن احتياجاتهم ورواياتهم. تم تدريب عدة مجموعات من الرجال والنساء على مهارات الصحافة والإعلام داخل مخيم الزعتري وخارجه. نحن ننشر الآن مجموعة مختارة من هذه المقالات والشعر وعلى المدونة يوجد ايضا أرشيفا كبيرا من القصص الشخصية.

Writing workshop at Zaatari camp.

 قصة لاجئ

كثيراً ما كنا نتساءل أو نتعجب من تصرف غريب أو صراحة قاتلة من اللاجئين السابقين، و أقصد هنا. بالسابقين (اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين) لأننا نحن (السوريون) اللاجئين اللاحقين

ولكن ها نحن أدركنا للأسف بأم جميلة أعينينا معنى كلمة لاجئ ولاجئة، هذه الكلمة التي كانت تنطلق من أفواهنا كأي كلمة أخرى من 4 أو 5 حروف ولكن هيهات، الآن أصبح لها طعم ووطأة .أخرى

أشتاق إليك يا بلدي واشتاق إليك يا بيتي المهدم، يا من بكل شبر منك تركت ذكرياتي وذكريات زوجي وأطفالي، أشتاق إلى سريري ومخدتي التي لم أنعم بالنوم قط بعد أن فارقتها، أشتاق إلى مطبخي الذي كان يدخر بشتّى أنواع الأطباق والملاعق والأدوات التي عانيت الآمرين لجمعها

أشتاق إلى مكتبتي الكبيرة التي كانت تعج بشتّى أنواع الكتب الجامعية والدّينية وكتب الأطفال والرّوايات ومجلات العلوم الأمريكية المترجمة للعربية، التي طالما هدّدت زوجي ببيعها للبسطات في الكراجات إذا لم يقرأها جميعاً

أشتاق إلى العاب أطفالي، إلى غرفتهم التي كان تمنح لهم استقرارهم وحياتهم.

فلطالما كانوا يقولون لي: “ماما، أرجوكي أحضري لنا أسرّتنا لكي ننام عليها، أحضري لنا مسبحنا”. البلاستيكي وطاولتنا الدراسية

وداعاً يا بيتي الجميل الذي دفتك ودفنت فيك تسع سنوات من عمري، قضيتها وأنا أرتبك زاوية زاوية إلى أن. أصبحت في قلبي وطني الصغير وملاذي الآمن

فكيف بي وأنا غريبة منكوبة كسيرة الجناح؟ في بلدٍ حتى أهله يعانون فيه من سوء الحالة الاقتصادية، فكيف بنا نحن نصمد هنا؟

لقد مكثت في البيت عند مجيئي هنا أياماً وأيام وأنا لا أريد أن اخرج أو ألتقي بأحد، وكأنني قد كُتب على صدري وعلى ظهري كلمة “لاجئ”، الآن فقط عرفت معنى هذه الكلمة

فهل عرفتها أنت؟!

ولكن لن أدع اليأس والخنوع أن يثبط من عزيمتي، فكم عانينا من المصاعب ولكننا لم نستسلم لليأس بل. وقفنا وواجهنا الواقع بكل ما أوتينا من قوة، وتغلّبنا على أزماتنا

ريما

Men writing in the Zaatari refugee camp

عمر الورود

 تقول لي صديقتي: “عندما اقرأ كلماتِكِ وكتاباتكِ، اضحك من قلبي لأني أشعر وكأنهُ مر على رأسك الكثير والكثير رغم أنكِ مازلتِ بعمر الورود”

 لكم استوقفتني كلمتها “مازلت بعمر الورود”.. ترى كيف يقاس إن كنا بعمر الورود أو بعمر الشوك…؟

هل بتلك الأوراق المتساقطة عبثاً من تلك الروزنامة وبعدد سنواتٍ تسربت سريعاً من ثقوب الزمن، كساعةٍ رمليةٍ فقدت بوصلتها…أم تقاس أعمارنا بعدد المعارك التي خضناها مع المجهول…بعدد انتصاراتنا أم بعدد هزائمنا…تقاس بلحظات الفرح التي مرّت بأرصفةِ أرواحنا على رؤوس أصابعها ولم ننتبه لها، أم بحجم الحزن الذي اجتاحنا كمحارب ٍ بارعٍ ولم يبقي على شيئٍ فينا

 ثمة ألفُ طريقةٍ تقاس أعمارنا بها، لكن بكل الأحوال ومهما تعددت وسائل القياس، فإنّي على يقين بأني تجاوزت عمر الورود منذ أن غادرتُ وطني بلغتُ عمر الشوك وأكثر

سماح

Tent in the Zaatari refugee camp.

سوريون أم مريخيون

كثيرًا ما نسمع ونحن نمشي في الشارع

إنه سوري !

إنهم سوريون!

إنها سورية !

وما الغريب في الموضوع

ما الذي تغير علينا

فطالما مشينا في هذه البلاد قبل اللجوء

نعم لجوء !!

هل هذه الكلمة التي جعلتنا نبدو غريبين في بلاد عربية

هل نحن قادمون من المريخ

لماذا هذا الكلام الموجع

هل اللجوء أمر اخترناه

أم فرض علينا وعلى حد علمي أن الأردن وفلسطين ولبنان وسورية كلها يطلق عليها اسم بلاد الشام

فلا فرق بيننا، نحن نتكلم نفس اللهجة تقريبًا حتى دبكتنا حتى أكلاتنا

هل نسيتم التبولة والكبة والفول والفتة

لا تضحكوا

هل نسيتم أن العاصي يسقي حماة ولبنان

هل نسيتم أن نهر اليرموك يسقي درعا والأردن

هل نسيتم بحرًا يجمع سورية وفلسطين

هل نسيتم وجعًا يجمعنا

لا تدعوا كلمة لاجئ تفرق بيننا

أرجوكم فنحن من سورية ولسنا من المريخ

عبير نصر الله

(Visited 154 times, 1 visits today)

Leave a Reply