زيارة سوق السمك في مدينة جدة

غطوا أنفكم جيداً، وانتعلوا الأحذية المغلقة، ولا ترتدوا الثياب الأنيقة واستعدوا للاستيقاظ باكراً لزيارة أحد مواقع جدة الأكثر اهتماماً وتشويقاً: سوق السمك، أو ما يعرف بين الهواة “بالبنقلة”.

تعم الفوضى والضجة دائماً في الصباح الباكر في البنقلة. ففي الفجر تستلم الأكشاك صيد الليلة الفائتة من القوارب الآتية عادة من جنوب أو شمال جدة، أو من أماكن خارج البلد، مثل اليمن وسلطنة عمان. ويشتري كل محل مخزونه من السمك مباشرة من موقع المزاد على رصيف الميناء. وتنبثق طاقة غريبة من هذا النشاط، فيما باعة السمك يذهبون ويجيئون مثل النحل الحائم حول الخلية. فيساوم بعضهم للحصول على الأسعار الأفضل، وينشغل بعضهم الآخر بنقل الأسماك، وبفرزها وتقشيرها وتنظيفها.

تشكل البنقلة إحدى أكبر أسواق السمك الحديثة في الشرق الأوسط. فقد خضعت مؤخراً لعملية تحديث كبيرة، بما في ذلك توسيع لموقع السوق، فضلاً عن كافة الإجراءات الأخرى للعناية بالأسماك وجعلها جاهزة للاستهلاك. وتستلم البنقلة يومياً ٧٠ إلى ٨٠ طناً من السمك ويعمل فيها أكثر من ٥٠٠ عاملاً.

ويتم التخطيط لتوسيع السوق أكثر من ذلك في المستقبل، فقد قررت الحكومة إنفاق مبلغ ٢٥ مليون ريال سعودي بهدف إنشاء معهداً للسعوديين الشباب للعمل أو ليصبحوا صيادين. أما اليوم، فإن غالبية العمال في البنقلة هم أجانب. لذلك من المقرر قريباً إجراء عملية “سعودة” في كافة القطاعات الأخرى من البلد.

ويشرح إسماعيل، وهو مندوب مبيعات هندي، أصل كلمة “البنقلة”، الأمر الذي لا يزال يشكل لغزاً لمعظم الناس. وتأتي هذه الكلمة من الكلمة الانجليزية “Bungalow” ومعناها البنغل أي كوخ صغير. غير أن الكلمة لم تُسمع كما يجب وتم لفظها “panglo” من ثم نُقلت إلى العربية لتصبح “البنقلة”.

تضم السوق أكثر من ١٠٠ كشكٍ لبيع السمك. ولا يمكن للمرء إلا ملاحظة الألوان الزاهية والأصناف الكبيرة للحيوانات البحرية المتواجدة في البنقلة، عند المرور بين الأكشاك ورؤية الباعة يرشون السمك بالماء لتبدو طازجة. فالبحر الأحمر معروف بتنوع الحياة المائية الغريبة فيه. وتقع أعيونكم على أحجام الأسماك كافة في البنقلة، بالإضافة إلى الكركند، والسرطان وغيرها من الكائنات البحرية. ولقد تجمّع هذا الصباح، عدد من العمال لمشاهدة سباق كركندين اثنين، مما يمنحهم بضع دقائق للراحة من العمل.

إن المساومة على أسعار السمك هي مهارة بحد ذاتها. ويسهل التمييز بين الأناس الجدد في السوق وبين أولئك الذين يزورون السوق عادة ولديهم إطلاع واسع على الأسعار. ويمكن أن تختلف قيمة السمك والثمار البحرية كثيراً من موقعٍ إلى آخر، فأحياناً قد ينخفض سعرها بنسبة ٤٠%. ويحرص الباعة على مراقبة الأكشاك المجاورة: لملاحقة عملية المساومة وتخفيض أسعارهم أكثر وأكثر في حال رؤوا أن الزبون على وشك الشراء من بائع آخر بسعر أفضل.

(Visited 2,133 times, 1 visits today)

Leave a Reply