جدة: هل يبقى العلم الأخضر اخضرا؟

في صباح كسول في أحد المقاهي المحلية المطلة على كورنيش جدة في قسم العوائل. وفي جلسة غير عائلية، كان أحد الأصدقاء يقص علينا خبر حصول المملكة العربية السعودية على المركز الخامس عالميا في البلدان الأكثر تلوثاً في مقالة قرائها في موقع السي إن بي سي، على الرغم من وعينا بالتلوث البيئي الموجود في جدة… إلا أن الخبر كان صادما…

 توجد مخاطر كثيرة تواجه البيئة في واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط والبترول في العالم بصفة عامة وفي جدة بصفة خاصة حيث يقدر عدد سكانها بنحو 3.4 مليون نسمة ، يمثلون نحو 14 ٪ من سكان المملكة. وخلال الفترة 2004-2009 نما العدد بنسبة 2.3%. بالإضافة إلى ذلك هناك ما يقدر بمليون وستمائة الف وافد في جدة، يمثلون 47 ٪ من مجموع السكان، و وهي أعلى نسبة وافدين في أي مكان في المملكة. ويمثل الجيل الشاب بدوره والذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 34 (43 ٪ من سكان المملكة حاليا)، ومع النمو المستمر في عدد المواطنين والوافدين ، فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة عالية في معدلات الإستهلاك وبالتالي في التلوث في جدة على مدى السنوات القليلة المقبلة.

متوسط عدد السيارات في منازل الطبقة المتوسطة السعودية من سيارتين إلى ثلاثه سيارات، لذلك ليس من الغريب سماع أن جدة تعاني من المستويات العالية من عوادم السيارات، والتي تساهم بخمسين في المئة من نسبة الهيدروكربونات الملوثة للهواء، وخصوصا مع ضعف خدمة النقل العام، وضعف مجاري الصرف الصحي بشكل عام في مدينة جدة كلها والتضخم السكاني الحاصل في المدن الرئيسية ( الرياض، جدة والدمام)… لا نغفل ايضا عن التضخم الصناعي بسبب النفط!

ضعف الوعي الشعبي بالبيئة وأهميتها واهمية المحافظة عليها يشكل تحدياً آخر، إذ انلك تجد تجد أن اغلب الإتهامات الموجهة من قبل العامة ضد المنادين بالمحافظة بالبيئة تتمحور حول المطالبة بممارسات أكثر مسؤولية تجاه البيئة مثل سن قوانين حاسمة وواضحة ومفعلة من قبل الجهات المسئولة على مستوى حكومي، خاص وشعبي. كما وأن هناك الكثير من الأولويات والأمور التي يجب ان تركز فيها قوى الاصلاح الحكومية والخاصة والشعبية.

زد على ذلك أن المجتمع السعودي مجتمع إستهلاكي من الدرجة الأولى مما يضيف ثقلا إضافيا للبيئة التي تحاول أن تتخلص من بقايا وفضلات الإستهلاك.

برغم من كل التحديات التي ذكرتها….
الا إننا نجد بين الفينة والأخرى بعض مجاهدي الطبيعة المدنيين الذين يزحفون من أجل إنقاذ ما تبقى وإصلاح ما يمكن إصلاحه….
نقاء هي إحدى هذه المحاولات، حيث تجاهد نورة المغربي ومنى عثمان ومنى عامر من بداية اطلاق مشروعهم “نقاء” قبل حوالي ثلاثة سنوات بالدخول في شراكات مع المؤسسات والشركات من أجل تطبيق ممارسات تجعل هذه المنظمات أكثر وعيا تجاه  تعاملها مع البيئة والمصادر والثروات الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك تنظيم ورش عمل للمدارس في للمساهمة في خلق وعي بيئي عند الإجيال القادمة.

بدأت نقاء كفكرة و إهتمام مشترك بين الفتيات الثلاث خلال بداية سنوات دراستهم الجامعية منذ خمس سنوات، نتيجة لذلك قمن بتأسيس نادي مهتم بالبيئة داخل حرم كلية دار الحكمة بدأن فيه بتوعية الطالبات داخل الكلية بالبيئة وكيفية المحافظة عليها. الفتيات الثلاث إستطعن تحويل الكلية إلى كلية صديقة للبيئة بعد إقناع الإدارة بأهمية إعادة التدوير والمحافظة على المصادر الطبيعية (ماء، ورق وكهرباء… الخ). مع الوقت تطور النادي وأصبح مشروعا خاصا من شأنه أن يشجع على التغيير الإيجابي بيئياً في المجتمع ككل بصفة عامة وفي القطاع الخاص بشكل محدد، الذي يحاول بدوره أن يجاري السوق العالمي بإهتمامه بالقضايا البيئية ومن منطلق المسئولية الإجتماعية للشركات.
مشروع نقاء وجد صدى عالمياً وإعلامياُ ايضاً حيث تم إختياره من قبل البيت الأبيض لتمثيل المملكة العربية السعودية في المؤتمر الرئاسي لرواد الأعمال.

ما بين المبادرات المدنية والتصريحات الحكومية في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البيئة.
تحاول جدة بشتى الطرق أن تتزين لتحافظ على لقب عروس البحر الأحمر!
ولكن هل هذا ممكن؟…

(Visited 170 times, 1 visits today)

Leave a Reply